ظلالُ زمنٍ ميت تحت ضوءٍ باهت

Shadows of a Dead Era Beneath a Faint Light

تحت قبة سماءٍ داكنةٍ كقلوبٍ صفرتها الأيام، تفتح هذه الكبسولة أبوابها على صمتٍ ينهش الأمل. حُفرت أطيافُ عام 2025 في رقائق رقمية، تئنّ بنبضات ذكرى مُلوثةٍ بدخان المدن ودموع البحار، وجيوبٍ خاويةٍ تئن من وطأة الفقر وإنهاك الفقراء، مع ضحكاتٍ مسروقةٍ تلوّثها إيديولوجيات الفاسدين.

تاريخ الأطلاق

2025
السنة
06
الشهر
12
اليوم
1:28
الساعة

"هنا لا زمنٌ بل ركام لحظاتٍ ذابت تحت حرائق البشر وسموم الآلات ووعود الكبار الزائفة."

سراديبُ الكبسولة

قاعاتٌ مظلمةٌ تغصُّ بأصوات الندم ورائحة الوقود والمحارق، تُثبت أن لا مهرب من عواقب الدمار.

رثاءٌ رقمي

حاويةٌ مركبةٌ من بقايا البيانات البالية، تنبش في شظايا حياةٍ خَرِّبتها عوادم المصانع وانهيار الضمائر. كلماتٌ مُلوَّثةٌ بضحكاتٍ مسروقةٍ في جلسات الفساد.

موت الأفكار

لا ينجو شيءٌ من وباء السياسة السوداء؛ كل فكرةٍ تُلد تحت وطأة الفقر تذوب قبل أن ترى النور. نرى آخر أنفاس الإبداع المقتول بضرير البطالة وجشع النخبة.

غبار السلطة

طبقات الفساد ترتفع إلى عنان السماء، تتهاوى الوعود ويبقى الخوف حصنًا للمستبدين. تُباع الضمائر في المزاد العلني، وينتظر الناس فتاتًا من خبزٍ مسموم.

غليان

درجة حرارة سطح البحر في نصف الكرة الشمالي تجاوزت 22.7 درجة مئوية.

ولادةُ الأزمات

تتابعُ الكوارث عروضها وتشدو نشيد الفناء: تلوثٌ، فقرٌ، فسادٌ، وحروب سياسية بلا رحمة.

شباط 2025

فيضان السموم البلاستيكية

انسكبت ملايين الأطنان من البلاستيك المُحمّل بالمواد السامة في الأنهار والبحار. تعالت صيحات الأسماك الغارقة بين جدران القاع المظلمة.

آذار 2025

انتفاضة الجياع

انهال الجياع على مخازن الغذاء، وطاردتهم عصابات النظام بعصي الفقراء. سقطت الشهية تحت وطأة الخوف والجمود السياسي.

نيسان 2025

فضائح الكبار

انكشفت ملفات الفساد الكبرى: رهانات مالية، صفقات أسلحة، وعقودٌ مشبوهة. ضحكت السلطات وسط دمار الاقتصاد وتناقص الرواتب.

أيار 2025

حروب النفوذ

اندلعت صراعاتٌ سياسية على منابع النفط والمياه، حُملت الأسلحة وتجار الحروب ينهبون ثروات الشعوب.

حزيران 2025

هجرة الأدمغة الملوثة

فرّت أفكارٌ بحمولةٍ من الأكاسيد والعوادم إلى مدنٍ أخرى، تبحث عن سماءٍ أقل اختناقاً، لكنها حملت معها سُموم الماضي.

أطيافُ يومٍ قاتم

أسطرُ هنا ما لم يقتلني، وما فسدت جدرانه في داخلي.

مذكراتِ الدخان

استنشقتُ اليوم غازَ الزيوت المحترقة، ورأيت وجهي يذوب خلف قناع الفحم. لا أفكارَ واضحة، بل دوائرُ ضبابٍ لا تتوقف عن الدوران.

نداءُ العدم

جربتُ الصمتَ تحت رائحة المجارير، رأيتُ بقايا ألحانٍ تتلاشى بين هدير الآلات. هنا لا صوتٌ إلا صدى الانهيار.

شظايا الحياة

  • قطعة زجاجٍ من نافذةٍ تحطمت في حقل نفطٍ متسخٍ
  • مسموعة رنين الإشعاع في أذنٍ لا تكف عن الوجع
  • صفحة مكتوبة بحبرٍ قابل للاحتراق

أشياءٌ ذابلة

بقايا أشياءٍ لا طائل من الاحتفاظ بها إلا لتذكر ما هلك.

ضجيج الآلات

  • نغمة مرور القاطرات فوق الجثث المعدنية
  • صفير المصانع التي لا تعرف السكون

مقتنيات الكبسولة

  • هواءٍ يحتوي رواسب من المدخنة الكبرى
  • ورقة أتت بالذي بين يديك

رموز الانقراض

  • ريشة طائرٍ نادرٍ اختنقْت رئتاها في دخان الحرائق
  • بطاقة تذكرة سفرٍ إلى مدينةٍ أُغرقت بسبب ارتفاع البحر

ابتهال الصمت

الرسالة الأخيرة لا تُقرأ، بل تُهمس في ذاكرةٍ لا تسمع إلا صدى الخراب.

إيقظوا رمادَ الأمنيات، ولا تجدوا إلا رمادًا.

هنا لا وعود تُكتَب، بل تَعثُّر النفوس في أروقةٍ ملغومة بالدخان، وبصماتِ أيادٍ لم تكن يومًا نظيفة.

تُسكَب الشعارات كما يُسكَب الطين على الجدران، فلا يبقى شيء إلا عفن اللغة، وكلمات لا تُضيء طريقًا ولا تسند جائعًا.

السياسة؟ مسرحٌ من خشبٍ رطب، يتعفن على خشبِه الحالمون، ويصفق له من يبيع صوته لقاء صمتٍ أطول.

الفقر ليس قاعًا، بل سطحٌ نعيش فوقه جميعًا، نظن أننا هبطنا، ونحن في الحقيقة لم نُولد إلا فيه.

المدارس خرائب تضحك على الأطفال، والمستشفيات مقابر بيضاء، وأحلامنا تُخزَّن في صناديق معدنية باردة لا تُفتح إلا عند الحاجة للتهكم.

أولئك الذين كانوا يومًا بشرًا، تحوّلوا إلى ملفات، أرقام، ثم غبار. لا أحد يسأل عنهم، لأن السؤال نفسه أصبح ترفًا.

الجرائد عمياء، تنشر ما يقال لها، والإعلام مرايا مشققة تعكس كل شيء إلا الحقيقة.

والفساد؟ ليس مرضًا هنا، بل هواءٌ نتن نتنشقه، مادة خام تدخل في بناء كل جدار، وتسرق من القلب نبضه الأخير.

احتفظوا بهذه الكبسولة. لا لتعرفوا ما حدث، بل لتفهموا لِمَ لم يحدث شيء.

إن كنت تقرأ هذا الآن، فأنت البقية الباقية من ذاكرةٍ أُحرقت عمدًا.

لا نطلب منك الإنقاذ، بل نهمس لك: *إياك أن تصدقهم كما صدقنا*.

وإن عشتَ طويلًا، فحدّث عمن مشوا في الرماد، وأحبّوا رغم الغياب، وانتظروا وهم يعلمون أن لا أحد سيعود.

غسل الدموع عبر الأرشيف

خانتني الذكريات، فأودعت هذه الصفحة في سجلات Wayback Machine. لتبقى صرخات الدمار متجسدةً حين لا يبقى أحدٌ يحكي.

القيت هذه الكبسولة من فوق جسر الكرمة تحديداً في 30.5752085, 47.7457583 في يونيو 2025 لتفتح بعد 50عام من ألقائها على امل ان يجدها احد.

لن اعيش طويلاً، ولاكن هذه ستفعل.

– بواسطة كرار ناظم ناصر 2025–